شرح مقدمة باب الإخلاص وإحضار النية من رياض الصالحين
أحاديث
رياض الصالحين باب الإخلاص وإحضار النية
شرح
العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
أحاديث رياض الصالحين
باب الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال البارزة والخفية
باب الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال البارزة والخفية
قال
الله تعالى:﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا
اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا
الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾]
البينة: 5[،
وقال
تعالى:﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا
دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾] الحج: 37[،
وقال
تعالى:﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ
تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾]
آل عمران: 29[.
الشرح
قال
المؤلف رحمه الله تعالى: (باب الإخلاص وإحضار النية، في جميع الأعمال والأقوال
البارزة والخفية):
(النية) محلها القلب، ولا محل لها في اللسان في جميع
الأعمال؛ ولهذا كان من نطق بالنية عند إرادة الصلاة، أو الصوم، أو الحج، أو
الوضوء، أو غير ذلك من الأعمال كان مبتدعًا قائلًا في دين الله ما ليس منه؛ لأن
النبي ﷺ كان
يتوضأ، ويصلي ويتصدق، ويصوم ويحج، ولم يكن ينطق بالنية، فلم يكن يقول: اللهم إني
نويت أن أتوضأ، اللهم إني نويت أن أصلي، اللهم إني نويت أن أتصدق، اللهم إني نويت
أن أصوم، اللهم إني نويت أن أحج، لم يكن يقول هذا؛ وذلك لأن النية محلها القلب،
والله عز وجل يعلم ما في القلب، ولا يخفي عليه شيء؛ كما قال الله تعالى في الآية
التي ساقها المؤلف: ﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ
اللَّهُ ﴾
]آل عمران: 29[.
ويجب
على الإنسان أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى في جميع عباداته، وأن لا ينوى
بعباداته إلا وجه الله والدار الآخرة.
وهذا
هو الذي أمر الله به في قوله:﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلا
لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ﴾، أي مخلصين له العمل،﴿ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ
الْقَيِّمَةِ ﴾] البينة: 5[، وينبغي أن يستحضر النية، أي: نية الإخلاص
في جميع العبادات.
فينوى
مثلًا الوضوء، وأنه توضأ لله، وأنه توضأ أمثالًا لأمر الله.
فهذه
ثلاثة أشياء:
1
-نية العبادة.
2
-ونية أن تكون لله.
3
-ونية أنه قام بها امتثالًا لأمر الله.
فهذا
أكمل شيء في النية.
كذلك
في الصلاة: تنوي
أولًا:
الصلاة، وأنها الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء، أو الفجر، أو ما أشبه ذلك،
وتنوي.
ثانيًا:
أنك إنما تصلي لله عز وجل لا لغيره، لا تصلي رياءً ولا سمعة، ولا لتمدح على صلاتك،
ولا لتنال شيئًا من المال أو الدنيا.
ثالثًا:
تستحضر أنك تصلي امتثالًا لأمر ربك حيث قال:﴿ أَقِمِ الصَّلاة
﴾﴿ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ
﴾﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾إلى
غير ذلك من الأوامر.
وذكر
المؤلف-رحمه
الله -عدة
آيات كلها تدل على أن النية محلها القلب، وأن الله-سبحانه
وتعالى -عالم
بنية العبد، ربما يعمل العبد عملًا يظهر أمام الناس أنه عمل صالح، وهو عمل فاسد
أفسدته النية، لأن الله-تعالى -يعلم ما في القلب، ولا
يجازى الإنسان يوم القيامة إلا على ما في قلبه، لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى
السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِر ٍ﴾ ]الطارق: 8-10[، يعني: يوم تختبر السرائر-القلوب-كقوله: ﴿ أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ
مَا فِي الصُّدُورِ ﴾ ]العاديات: 9-10[.
ففي
الآخرة: يكون الثواب والعقاب، والعمل والاعتبار بما في القلب.
أما
في الدنيا: فالعبرة بما ظهر، فيعامل الناس بظواهر أحوالهم، ولكن هذه الظواهر: إن
وافقت ما في البواطن، صلح ظاهره وباطنه وسريرته وعلانيته، وإن خالفت وصار القلب
منطويًا على نية فاسدة_ نعوذ بالله _فما أعظم خسارته! يعمل ويتعب ولكن لا حظ له في
هذا العمل؛ كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ
قال: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من
عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه
(.
فالله
الله! أيها الإخوة بإخلاص النية لله سبحانه وتعالى!
واعلم: أن الشيطان قد يأتيك عند إرادة عمل الخير، فيقول لك: إنك إنما تعمل هذا رياءً، فيحبط همتك ويثبطك ولكن لا تلتفت إلى هذا، ولا تطعه، بل اعمل ولو قال لك: إنك إنما تعمل رياء أو سمعة؛ لأنك لو سئلت: هل أنت الآن تعمل هذا رياءً وسمعة؟ لقلت: لا!
واعلم: أن الشيطان قد يأتيك عند إرادة عمل الخير، فيقول لك: إنك إنما تعمل هذا رياءً، فيحبط همتك ويثبطك ولكن لا تلتفت إلى هذا، ولا تطعه، بل اعمل ولو قال لك: إنك إنما تعمل رياء أو سمعة؛ لأنك لو سئلت: هل أنت الآن تعمل هذا رياءً وسمعة؟ لقلت: لا!
إذن فهذا الوسواس الذي أدخله الشيطان في قلبك، لا
تلتفت له، وافعل الخير؛ ولا تقل: إني أرائي وما أشبه ذلك.
شرح مقدمة باب الإخلاص وإحضار النية من رياض الصالحين
Reviewed by احمد خليل
on
4:50:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: