باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أَو السجود قبل الإِمام
كتاب الأمور المنهي عنها: باب تحريم رفع المأموم رأسه
من الركوع أَو السجود قبل الإِمام
لفضيلة الدكتور خالد بن عثمان السبت
أحاديث رياض الصالحين: باب تحريم رفع
المأموم رأسه من الركوع أَو السجود قبل الإِمام.
١٧٦٠- عنْ أَبي هُريْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ، أَنَّ
النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذا رفَعَ رأْسَهُ قَبْلَ
الإِمَامِ أَنْ يَجْعلَ اللَّهُ رأْسَهُ رأْسَ حِمارٍ، أَوْ يَجْعلَ اللَّهُ
صُورتَهُ صُورَةَ حِمارٍ» [١] متفقٌ
عَلَيْهِ.
الشرح:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، أما بعدُ:
فهذا "باب تحريم رفع المأموم رأسه
من الركوع أو السجود قبل الإمام".
رفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود
قبل الإمام، وكذلك أيضًا لو أنه سجد أو ركع قبل الإمام، يعني: يسابق الإمام، فإن
هذا أيضًا محرم بالاتفاق، ولكن أهل العلم تكلموا فيما إذا سبق الإمام في الأركان
القولية، يعني: يسبق الإمام مثلاً في قراءة الفاتحة، يقرأ قبل الإمام، فهل هذا يعد
من المخالفة ويكون منهيًا أم لا؟
لكنهم اتفقوا على أنه لا يسابق الإمام في
هيئات الصلاة، يعني: لا يرفع قبله، وكذلك لا يسجد، أو يركع قبله، والأولى أنه لا
يقرأ الفاتحة قبل الإمام في الصلاة الجهرية.
وذكر حديثًا واحدًا.
وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: «أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذا رفَعَ
رأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يَجْعلَ اللَّهُ رأْسَهُ رأْسَ حِمارٍ، أَوْ
يَجْعلَ اللَّهُ صُورتَهُ صُورَةَ حِمارٍ».
فهذا الوعيد يدل على شدة التحريم؛ ولذلك
لا يمكن أن يحمل مثل هذا على الكراهة، بل إن من أهل العلم كالظاهرية [٢]، وهو
رواية عن الإمام أحمد [٣]، من قال: بأن الصلاة تبطل إذا رفع قبل الإمام من الركوع،
أو من السجود يعني: يسابق الإمام، قالوا: باعتبار أن النهي يقتضي الفساد، فهذا شيء
منهي عنه، فالصلاة التي يحصل فيها هذا قالوا: تكون باطلة.
ومن أهل العلم من قال: إن ذلك محرم،
ومتوعد عليه، بمثل هذا الحديث، ولكنه لا يبطلها، ولكن ينقصها، ويأثم.
وعلى كل حال هذا التحويل والتبديل قال: يجعل
الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار هو
على ظاهره أن الله يقلب صورته {وَاللَّهُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:
٢٨٤] خلافًا لمن قال: إن المقصود بذلك هو القلب المعنوي، بمعنى: أنه يصير في فهمه
وبلادته بمنزلة الحمار، وهذا غير صحيح؛ لأنه حمل لظاهر اللفظ على معنى غير متبادر،
وليس عليه دليل، والأصل حمل اللفظ على ظاهره، إلا لدليل يوجب صرفه من هذا الظاهر
إلى معنى آخر.
والله قد مسخ قومًا، كما قص لنا خبر
القرية من اليهود الذين كانوا {يَعْدُونَ فِي السَّبْت} [الأعراف:
١٦٣] قلبهم مسخهم إلى قردة {قُلْنَا لَهُمْ
كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف: ١٦٦] كان مسخًا حقيقيًا.
[١]
أخرجه البخاري: في كتاب الأذان، باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام برقم (٦٩١)، ومسلم:
في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما برقم (٤٢٧).
[٢] شرح الزرقاني على الموطأ (١/٣٤٦).
[٣] الشرح الكبير على متن المقنع (٢/١٤).
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
ليست هناك تعليقات: