باب إقامة الصف من تمام الصلاة
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر
العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ بَابٌ: إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ.
٧٢٢- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ،
عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا
جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ
فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا
لَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا
جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ
الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلاَةِ».
الشرح:
قوله: (باب إقامة الصف من تمام الصلاة)
أورد فيه حديث أبي هريرة "إنما جعل الإمام ليؤتم به" وسيأتي الكلام عليه
في "باب إيجاب التكبير" قريبا وفي آخره هنا "وأقيموا الصفوف
إلخ" وهو المقصود بهذه الترجمة، وقد أفرده مسلم وأحمد وغيرهما من طريق عبد
الرزاق المذكورة عما قبله فجعلوه حديثين.
قوله: «من حسن الصلاة» قال ابن رشيد:
إنما قال البخاري في الترجمة "من تمام الصلاة" ولفظ الحديث "من حسن
الصلاة"؛ لأنه أراد أن يبين أنه المراد بالحسن هنا، وأنه لا يعني به الظاهر
المرئي من الترتيب، بل المقصود منه الحسن الحكمي بدليل حديث أنس وهو الثاني من
حديثي الباب حيث عبر بقوله "من إقامة الصلاة".
٧٢٣- حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ،
فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ».
الشرح:
قوله في حديث أنس: «فإن تسوية الصفوف»
وفي رواية الأصيلي "الصف" بالإفراد، والمراد به الجنس.
قوله: «من إقامة الصلاة» هكذا ذكره
البخاري عن أبي الوليد، وذكره غيره عنه بلفظ "من تمام الصلاة" كذلك
أخرجه الإسماعيلي عن ابن حذيفة والبيهقي من طريق عثمان الدارمي كلاهما عنه وكذلك
أخرجه أبو داود عن أبي الوليد وغيره، وكذا مسلم وغيره من طريق جماعة عن شعبة، وزاد
الإسماعيلي من طريق أبي داود الطيالسي قال "سمعت شعبة يقول: داهنت في هذا الحديث
لم أسأل قتادة أسمعته من أنس أم لا؟ انتهى. ولم أره عن قتادة إِلَّا مُعَنْعَنًا،
ولعل هذا هو السر في إيراد البخاري لحديث أبي هريرة معه في الباب تقوية له. واستدل
ابن حزم بقوله "إقامة الصلاة" على وجوب تسوية الصفوف قال: لأن إقامة
الصلاة واجبة. وكل شيء من الواجب واجب، ولا يخفى ما فيه، ولا سيما وقد بينا أن
الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة. وتمسك ابن بطال بظاهر لفظ حديث أبي هريرة
فاستدل به على أن التسوية سُنة، قال: لأن حسن الشيء زيادة على تمامه، وأورد عليه
رواية: "من تمام الصلاة". وأجاب ابن دقيق العيد فقال: قد يؤخذ من قوله
"تمام الصلاة" الاستحباب؛ لأن تمام الشيء في العرف أمر زائد على حقيقته
التي لا يتحقق إلا بها، وإن كان يطلق بحسب الوضع على بعض ما لا تتم الحقيقة إلا
به، كذا قال، وهذا الأخذ بعيد؛ لأن لفظ الشارع لا يحمل إلا على ما دل عليه الوضع
في اللسان العربي، وإنما يحمل على العرف إذا ثبت أنه عرف الشارع لا العرف الحادث.
(تنبيه): لفظ الترجمة أورده عبد الرزاق من
حديث جابر.
الحمد
لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن
المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: