Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

باب الرجاء

باب الرجاء

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه اللهباب - الرجاء

باب الرجاء


أحاديث رياض الصالحين: باب الرجاء

 

قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣]، وقال تعالى: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سـبأ: ١٧]، وقال تعالى: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طـه: ٤٨]، وقال تعالى: {وَرَحـْمَتِي وَسـِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦].

 

٤١٧ - وعن عُبادَة بنِ الصامِتِ -رضي اللَّهُ عنه- قال: قال رسولُ اللَّه : «منْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَنَّ مُحمَّدًا عبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وأَنَّ عِيسى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلي مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلي ما كانَ مِنَ العمَلِ» متفقٌ عليه [١].

وفي رواية لمسلم: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا رسُولُ اللَّهِ، حَرَّمَ اللَّهُ علَيهِ النَّارَ» [٢].

 

٤١٨ - وعن أبي ذَرٍّ -رضيَ اللَّهُ عنه- قال: قال النبيُّ : «يقولُ اللَّهُ عزَّ وجَلّ: مَنْ جاءَ بِالحَسَنَةِ، فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِها أَوْ أَزْيَدُ، ومَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ، فَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ. وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، ومنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ باعًا، وَمَنْ أَتاني يمشي، أَتَيْتُهُ هَرْولَةً، وَمَنْ لَقِيَني بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً لاَ يُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لَقِيتُهُ بمثْلِها معْفِرَةً» رواه مسلم [٣].

معنى الحديث: «مَنْ تَقَرَّبَ» إِلَيَّ بِطاعَتي «تَقَرَّبْتُ» إِلَيْهِ بِرحْمَتي، وإِنْ زَادَ زِدْتُ، «فَإِنْ أَتاني يَمشي» وَأَسْرَعَ في طاعَتي «أَتَيْتُه هَرْوَلَةً» أَيْ: صَبَبْبُ علَيْهِ الرَّحْمَة، وَسَبَقْتهُ بها، ولَمْ أُحْوِجْهُ إِلي المَشْيِ الْكَثِيرِ في الوُصُولِ إِلي المَقْصُودِ، «وَقُرَابُ الأَرْضِ» بضمِّ القافِ ويُقال بكسرها، والضمّ أَصحّ، وأَشهر، ومعناه: ما يُقارِبُ مِلأَها، واللَّه أعلم.

 

٤١٩ - وعن جابر -رضي اللَّهُ عنه- قال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلي النبيِّ فقال: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما المُوجِبَتانِ؟ فَقَالَ: «مَنْ مَات لاَ يُشرِكُ بِاللَّه شَيْئًا دخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ ماتَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، دَخَلَ النَّارَ» رواه مُسلم [٤].

 

٤٢٠ - وعن أَنسٍ -رضي اللَّهُ عنه- أَنَّ النَّبِيِّ ، وَمُعَاذٌ ردِيفُهُ عَلي الرَّحْلِ قَالَ: «يا مُعاذُ» قال: لَبيَّيْكَ يا رسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قالَ: «يا مُعَاذُ» قالَ: لَبَّيكَ يا رَسُول اللَّهِ وَسَعْديْكَ. قالَ: «يَا مُعاذُ» قال: لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْديكَ ثلاثًا، قالَ: «ما مِن عَبدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِله إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمدا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللَّهُ على النَّارِ» قالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أُخْبِرُ بِها النَّاسَ فيستبشروا؟ قال: «إِذًا يَتَّكلُوا» فَأَخْبرَ بها مُعَـاذٌ عِنْد مَوْتِهِ تَأَثُّمًا. متفقٌ عليه [٥].

وقوله: «تَأَثمًا» أَيْ: خَوْفًا مِنَ الإِثمِ في كَتْمِ هذا العِلْمِ.

 

الـشـرح:

لما ذكر المؤلف -رحمه الله- باب الخوف؛ ذكر باب الرجاء، وكأنه رحمه الله يغلب جانب الخوف، أو يقول: إذا رأيت الخوف قد غلب عليك؛ فافتح باب الرجاء.

 

ثم ذكر المؤلف آيات وأحاديث؛ منها قول الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣]، هذه الآية نزلت في التائبين، فإن تاب؛ تاب الله عليه وإن عظم ذنبه، كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٦٨-٧٠] فمن تاب من أي ذنب؛ فإن الله يتوب عليه مهما عظم ذنبه، لكن إن كانت المعصية في أمر يتعلق بالمخلوقين، فلابد من إيفائهم حقهم في الدنيا قبل الآخرة، حتى تصح توبتك.

 

أما غير التائبين، فقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] فغير التائبين إن كان عملهم كفرًا، فإنه لا يغفر، وإن كان سوى الكفر، فإنه تحت المشيئة؛ إن شاء الله عذب عليه، وإن شاء غفر له.

لكن إن كان من الصغائر، فإن الصائر تكفر باجتناب الكبائر، وببعض الأعمال الصالحة.

 

ثم ذكر المؤلف أحاديث متعددة في هذا الباب، وكلها أحاديث توجب للإنسان قوة الرجاء بالله -عز وجل- حتى يلاقي الإنسان ربه وهو يرجو رحمته، ويغلبها على جانب الخوف.

وفيها أحاديث مطلقة مقيدة بنصوص أخرى، مثل ما ذكره -رحمه الله- في أن من لقي الله -عز وجل- لا يشرك يه شيئًا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار. المراد بهذا: الشرك وكذلك الكفر؛ ككفر الجحود والاستكبار وما أشبه ذلك، فإنه داخل في الشرك الذي لا يغفر. نسأل الله أن يجعلنا ممن يرجو رحمته ويخافون عذابه.


[١] رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا}، رقم: (٣٤٣٥) ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، رقم: (٢٨).
[٢] رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة. . .، رقم: (٢٩).

[٣] رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله، رقم: (٢٦٨٧).
[٤] رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب من ملت لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، رقم: (٩٣).

[٥] رواه البخاري، كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون كراهية، رقم: (١٢٨) ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد، دخل الجنة، رقم: (٣٢).

 الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

باب الرجاء Reviewed by احمد خليل on 1:04:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.