Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

باب تحريم سماع الغيبة

 كتاب الأمور المنهي عنها: باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبة محرمة بردها، والإنكار على قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه، فارق المجلس إن أمكنه

شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

باب – تحريم – سماع - الغيبة

باب تحريم سماع الغيبة


أحاديث رياض الصالحين: كتاب الأمور المنهي عنها: باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبة محرمة بردها، والإنكار على قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه، فارق المجلس إن أمكنه

 

قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: ٥٥]، وقال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: ٣]، وقال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: ٣٦]، وقال تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨].

 

١٥٣٦ - وعنْ أَبي الدَّرْداءِ -رضي الله عنه- عنِ النَّبيّ قالَ: «منْ ردَّ عَنْ عِرْضِ أخيهِ، ردَّ اللَّه عنْ وجْههِ النَّارَ يوْمَ القِيَامَةِ» رواه الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.

 

١٥٣٧ - وعنْ عِتْبَانَ بنِ مالِكٍ -رضي الله عنه- في حدِيثِهِ الطَّويلِ المشْهورِ الَّذي تقدَّم في بابِ الرَّجاءِ قَالَ: قامَ النبيّ يُصلِّي فَقال: «أيْنَ مالِكُ بنُ الدُّخْشُمِ؟» فَقَال رَجُلٌ: ذلكَ مُنافِقٌ لا يُحِبُّ اللَّه ولا رسُولَهُ، فَقَال النبي : «لاَ تقُلْ ذلكَ، إلاَ تَراه قَدْ قَال: لا إلهَ إلاَّ اللهُ يُريدُ بِذَلكَ وجْه اللَّه، وإنَّ اللَّه قدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ منْ قَالَ: لا إلهَ إلاَّ اللَّه يبْتَغِي بِذلكَ وجْهَ اللَّه» متفقٌ عَلَيْهِ.

«وعِتبانُ» بكسر العين عَلَى المشهور، وحُكِي ضمُّها، وبعدها تاءٌ مثناةٌ مِنْ فوق، ثُمَّ باءٌ موحدةٌ. و «الدُّخْشُمُ» بضم الدال وإسكان الخاءِ وضمِّ الشين المعجمتين.

 

١٥٣٨ - وعَنْ كعْبِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- في حدِيثِهِ الطَّويلِ في قصَّةِ توْبَتِهِ وَقَدْ سبقَ في باب التَّوْبةِ. قَالَ: قَالَ النبيُّ وهُو جَالِسٌ في القَوْم بِتبُوكَ: ما فَعَلَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ؟ فقالَ رجُلٌ مِنْ بَني سلِمَةَ: يا رسُولَ اللَّه حبسهُ بُرْداهُ، والنَّظَرُ في عِطْفيْهِ. فقَال لَهُ معاذُ بنُ جبلٍ -رضي الله عنه: بِئس مَا قُلْتَ، واللَّهِ يا رسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنا علَيْهِ إلاَّ خيْرًا، فَسكَتَ رسُولُ اللَّه . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

«عِطْفَاهُ» جانِباهُ، وهو إشارةٌ إلى إعجابِهِ بنفسهِ.

 

الشيخ:

الحمد لله، وصل الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فقد سبق من الآيات والأحاديث ما يدل على تحريم الغيبة، وأنها من المنكرات ومن الكبائر، وهي من أسباب الشحناء والعداوة والبغضاء والاختلاف، ولهذا حرمها الله لما تجره من الشر لقوله سبحانه: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: ١٢] وقال في الحديث الصحيح: أنه مر على قوم حين عرج به لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال: يا جبرائيل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. فالغيبة من أخبث المعاصي، ومن أخبث الكبائر، فالواجب الحذر منها، والواجب الإنكار على من فعلها، فإذا حضرت مجلسًا فيه غيبة فالواجب إنكار ذلك والغيبة ذكرك أخاك بما يكره، هذه الغيبة ذكر الإنسان بما يكره من الخصال التي يسر بها.

 

أما من أظهر المعاصي وجاهر بها فلا غيبة له فيما أظهر من المعاصي، لكن المعاصي التي لا يظهرها بل يعلمها الإنسان، ولكن لا يجوز له أن يغتابه فيها، بل يحرم عليه ذلك، والمشروع له المناصحة والتوجيه والدلالة على الخير والوصية بالخير، هكذا يقول الله جل وعلا: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: ٥٥]، واللغو كل شيء باطل من الغيبة والنميمة وسائر المعاصي، قال في صفة المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: ٣]، وقال سبحانه: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦]، وقال جل وعلا: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨].

 

فالإنسان إذا جلس مع قوم يظهرون المنكر وجب الإنكار عليهم، فإن أجابوا وكفوا فالحمد لله وإلا وجب فراقهم وعدم حضور المنكر الذي يتظاهرون به، يقول النبي : «من رد عن عرض أخيه الغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة»، من ذب عن عرض أخيه من نصر المظلوم يقول : «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا» قيل: يا رسول الله أنصره مظلومًا فكيف أنصره ظالما؟ قال: «تحجزه عن الظلم» فالإنكار عليه ونصيحته وتوجيهه حتى يدع المعصية هذا نصره.

 

وفي حديث عتبان بن مالك لما قال رجل في مالك بن الدخشم أنه منافق لا يحب الله ورسوله، أنكر عليه النبي قال: «اليس يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك بوجه الله، إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله» فلا يجوز للإنسان أن يتكلم بعرض أخيه إلا عن بصيرة وعن علم، ولما مر بجنازة على النبي وأثنى عليها الحاضرون شرًا قال: وجبت، ومر بأخرى فأثنى عليها الحاضرون خيرًا قال: وجبت قيل يا رسول الله ما وجبت؟ قال: هذه أثنيتم عليها شرًا فوجبت لها النار، والثانية أثنيتم لها خيرًا فوجبت لها الجنة، أنتم شهداء الله في الأرض. فلم ينكر على الذين شهدوا عليها بالشر لأن صاحبها قد أظهر المعاصي، فمن أظهر المعاصي فلا غيبة له، ولهذا لم ينكر عليهم شهادتهم عليه بأنه أثنوا عليه شرًا لأنهم شهدوا بما أظهر من المعاصي والشرور.

 

وهكذا قصة كعب بن مالك يوم تبوك تخلف عن غزوة تبوك مع شخصين آخرين بغير عذر فسأل النبي عن كعب وهو في تبوك نازل أين كعب، ما فعل كعب؟ فقال بعض الحاضرين: حبسه برداه والنظر في عطفيه، كلمة قبيحة يعني: ما همه إلا ثيابه والتزين، فأنكر معاذ: بئس ما قلت، ما نعلم عليه إلا خيرًا يا رسول الله، فسكت النبي عليه الصلاة والسلام، ففي هذا إنكار معاذ على صاحب الغيبة، وأقره النبي عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن مرآة أخيه، وهو أيضًا عون لأخيه، المؤمن أخو المؤمن في الحديث الصحيح: المؤمن للمؤمن يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه، ويقول : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» فالمؤمن أخو المؤمن لا يغتابه ولا ينم عليه ولا يؤذيه ولا يظلمه ولا يحسده، بل يعينه على الخير ويساعده في الخير ويعينه على ترك الشر. وفق الله الجميع.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

باب تحريم سماع الغيبة Reviewed by احمد خليل on 10:48:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.