شرح حديث / إنّ للّه ملائكة سيّارة فضلاء يتتبّعون مجالس الذّكر

شرح حديث / إنّ للّه ملائكة سيّارة فضلاء يتتبّعون مجالس الذّكر
المؤلف احمد خليل
تاريخ النشر
آخر تحديث
كتاب الأذكار: باب فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر
الدرر السنية
شرح – حديث – إنّ – للّه – ملائكة – سيّارة – فضلاء – يتتبّعون – مجالس - الذّكر
شرح حديث / إنّ للّه ملائكة سيّارة فضلاء يتتبّعون مجالس الذّكر

أحاديث رياض الصالحين: باب فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر
قَالَ الله تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: ٢٨].
١٤٤٥ - وعنْ أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ للَّهِ تَعالى ملائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُق يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فإِذا وَجدُوا قَوْمًا يذكُرُونَ اللَّه عَزَّ وَجلَّ، تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلي حاجتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهم بِأَجْنِحَتِهم إِلي السَّمَاء الدُّنْيَا، فَيَسأَلهُم رَبُّهُم - وَهُوَ أَعْلم -: مَا يقولُ عِبَادِي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يُسبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرونَكَ، ويحْمَدُونَكَ، ويُمَجِّدُونَكَ، فيقولُ: هَلْ رأَوْني؟ فيقولونَ: لا واللَّهِ مَا رأَوْكَ، فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْني؟ قَالَ: يقُولُون لَوْ رَأَوْكَ كانُوا أَشَدَّ لكَ عِبادَةً، وأَشَدَّ لكَ تمْجِيدًا، وأَكثرَ لكَ تَسْبِيحًا. فَيَقُولُ: فماذا يَسأَلُونَ؟ قَالَ: يَقُولونَ: يسأَلُونَكَ الجنَّةَ. قالَ: يقولُ: وَهل رَأَوْهَا؟ قالَ: يَقُولُونَ: لا وَاللَّه يا ربِّ مَا رأَوْهَا. قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُم رأَوْها كَانُوا أَشَدَّ علَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لهَا طَلَبًا، وَأَعْظَم فِيها رغْبة. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يَتعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَيقُولُ: وهَل رَأَوْهَا؟ قالَ: يقولونَ: لا واللَّهِ مَا رأَوْهَا. فَيقُولُ: كَيْف لَوْ رَأوْها؟ قَالَ: يقُولُون: لَوْ رَأَوْهَا كانوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرارًا، وأَشَدَّ لَهَا مَخَافَة. قَالَ: فيقُولُ: فَأُشْهدُكم أَنِّي قَد غَفَرْتُ لَهُم، قَالَ: يقُولُ مَلَكٌ مِنَ الملائِكَةِ: فِيهم فُلانٌ لَيْس مِنهم، إِنَّمَا جاءَ لِحاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهم جلِيسهُم» متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ لمسلِمٍ: عنْ أَبي هُريرةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ قال: «إِنَّ للَّهِ مَلائِكَةً سَيَّارةً فُضًلاءَ يتَتَبَّعُونَ مجالِس الذِّكرِ، فَإِذا وجدُوا مَجلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ، قَعدُوا معهُم، وحفَّ بعْضُهُم بعْضًا بِأَجْنِحَتِهِم حتَّى يَمْلؤوا مَا بيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّماءِ الدُّنْيَا، فَإِذا تَفَرَّقُوا عَرجُوا وصعِدوا إِلي السَّماءِ، فَيسْأَلهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ - وهُوَ أَعْلَمُ -: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُون: جِئْنَا مِنْ عِندِ عِبادٍ لَكَ في الأَرْضِ: يُسبحُونَكَ، ويُكَبِّرُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ، وَيحْمَدُونَكَ، وَيَسْأَلُونَكَ. قَالَ: وَمَاذا يسْأَلُوني؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جنَّتَكَ. قَالَ: وهَلْ رَأَوْا جنَّتي؟ قالُوا: لا، أَيْ ربِّ: قَالَ: فكَيْفَ لَوْ رأَوْا جنَّتي؟ قالُوا: ويسْتَجِيرُونَكَ قال: ومِمَّ يسْتَجِيرُوني؟ قالوا: منْ نَارِكَ يا ربِّ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قالوا: لا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قالُوا: ويسْتَغْفِرونَكَ، فيقولُ: قَدْ غفَرْتُ لهُمْ، وأَعطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وأَجرْتُهم مِمَّا اسْتَجارُوا. قال: فَيقُولونَ: ربِّ فيهمْ فُلانٌ عبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ، فَجلَس معهُمْ، فيقُولُ: ولهُ غفَرْتُ، هُمْ القَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ».
الشرح
ذَكَر رسولُ الله أنَّ مِن أصنافِ الملائكةِ: «ملائكةً يطوفون في الطُّرُقِ يَلتمِسون»، أي: يَطلُبون ويَبْحَثون عن مجالِس «أهلِ الذِّكْرِ» التي يُذكَرُ فيها الله، «فإذا وَجَدوا قومًا يَذكُرون الله تَنَادَوْا: هَلُمُّوا»، أي: تَعَالَوْا وأَقبِلوا إلى حاجَتِكم. قال: «فيَحُفُّونَهم»، أي: يُطوِّقونَهم «بِأَجْنِحَتِهم إلى» أن يَبلُغوا «السَّماءَ الدُّنيا، قال: فيَسْأَلُهم ربُّهم - وهو أعلَمُ منهم -: ما يقول عبادِي؟ قال: تقول: يُسَبِّحُونَك ويكبِّرونك ويَحْمَدونك ويُمَجِّدونك»، أي: يُعظِّمونك، «قال: فيقول: هل رَأَوْنِي؟ قال: فيقولون: لا واللهِ ما رَأَوْكَ، قال: فيقول: وكيفَ لو رَأَوْنِي؟ قال: يقولون: لو رَأَوْكَ كانوا أشدَّ لك عِبادةً، وأشدَّ لك تمجيدًا»، أي: تعظيمًا «وأكثرَ لك تسبيحًا»، أي: تَنْزِيهًا، «قال: يقول: فما يَسْأَلُونَنِي؟ قال: يَسألُونَك الجنَّةَ، قال: يقول: وهل رَأَوْها؟ قال: يقولون: لا واللهِ يا ربِّ ما رَأَوْها، قال: يقول: فكيفَ لو أنَّهم رَأَوْها؟ قال: يقولون: لو أنَّهم رَأَوْها كانوا أشدَّ عليها حِرْصًا، وأشدَّ لها طَلَبًا» بالطَّاعاتِ وما يُقرِّبهم لها «وأعظمَ فيها رَغْبَةً، قال: فمِمَّ يتعوَّذون؟ قال: يقولون: من النارِ، قال: يقول: وهل رَأَوْها؟ قال: يقولون: لا واللهِ يا ربِّ ما رَأَوْها، قال: يقول: فكيفَ لو رَأَوْها؟ قال: يقولون: لو رَأَوْها كانوا أشدَّ مِنها فِرَارًا، وأشدَّ لها مَخافَةً، قال: فيقول: فأُشْهِدُكُمْ أنِّي قد غَفَرتُ لهم. قال: يقول مَلَكٌ مِن الملائكةِ: فِيهم فُلانٌ ليس مِنهم، إنَّما جاء لحاجةٍ» دُنْيَوِيَّةٍ، ولم يأتِ لِذِكْرِكَ، «قال: هُمُ الجُلَساءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهم».
وهذا مِن فوائدِ مُجالَسةِ الصَّالِحين.
وفي الحديثِ: حِرْصُ الملائكةِ على سَماعِ الذِّكرِ، ومَحَبَّتُها حُضورَ مجالسِ الذِّكر.
وفيه: أنَّ أهمَّ ما تُشْغَلُ به حياةُ العِباد ما يُقرِّبُهم مِن الله والجنَّةِ، ويُبعِدُهم عن النارِ
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

تعليقات

عدد التعليقات : 0