Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح مقدمة باب التقوى من رياض الصالحين

أحاديث رياض الصالحين باب التقوى
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح - مقدمة - باب - التقوى - من - رياض - الصالحين
شرح مقدمة باب التقوى من رياض الصالحين
أحاديث رياض الصالحين

باب التقوى


التقوى اسم مأخوذ من الوقاية، وهو أن يتخذ الإنسان ما يَقِيه من عذاب الله. والذي يقيك من عذاب الله هو فعل أوامر الله، واجتناب نواهيه، فإن هذا هو الذي يقي من عذاب الله عز وجل، أن تأخذ أوامر الله وأن تترك ما نهى عنه. واعلم أن التقوى أحيانا تقترن بالبر، فيقال بر وتقوى كما في قوله تعالى:﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ] المائدة: 2[وتارة تُذكر وحدها، فإذا قرنت بالبر صار البر فعل الأوامر واجتناب النواهي. وإذا أفردت صارت شاملة؛ تعم فعل الأوامر واجتناب النواهي، وقد ذكر الله تعالى -في كتابه أن الجنة أُعدَّت للمتقين، فأهل التقوى هم أهل الجنة -جعلنا الله منهم -ولذلك يجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل، امتثالا لأمره وطلبا لثوابه والنجاة من عقابه. ثم ذكر المؤلف آيات متعددة فقال رحمه الله: قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ] آل عمران: 102[
وقال تعالى:﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ] التغابن: 16[، وهذه الآية مبينة للمراد من الأولى. وقال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ] الأحزاب: 70[، والآيات في الأمر بالتقوى كثيرة معلومة، وقال تعالى:﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ] الطلاق: 2، 3[، وقال تعالى:﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ] الأنفال: 29[، والآيات في الباب كثيرة ومعلومة.

الشرح
قوله:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾فوجَّه الأمر إلى المؤمنين، لأن المؤمن يحمله إيمانه على تقوى الله. وقوله:﴿ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾وحق التقوى مفسرًا بما عقبه المؤلف من قوله تعالى:﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾بعد هذه الآية أي: أن معنى قوله:﴿ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾أن تتقي الله ما استطعت، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وهذه الآية: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ليست آية يقصد بها التهاون بتقوى الله، وإنما يُقصد بها الحث على التقوى بقدر المستطاع، أي: لا تدَّخر وسعا في تقوى الله، ولكن الله لا يكلف الإنسان شيئًا لا يستطيعه، كما قال تعالى: ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ]البقرة: 286[، ويستفاد من قوله: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾أن الإنسان إذا لم يستطع القيام بأمر الله على وجه الكمال، فإنه يأتي منه بما قدر عليه، ومن ذلك قول النبي لعمران بن حصين: (صلِّ قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب)، فرتب النبي الصلاة بحسب الاستطاعة، وبأن يصلي قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جنب، وهكذا أيضا بقية الأوامر، ومثله الصوم، إذا لم يستطع الإنسان أن يصوم في رمضان، فإنه يؤخِّرَه ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ]البقرة: 185[، وفي الحج أيضا: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ]آل عمران: 97[، فإذا لم تستطع الوصول إلى البيت فلا حج عليك، لكن إن كنت قادرا بمالك دون بدنك، وَجَبَ عليك أن تقيم من يحج ويعتمر عنك، والحاصل أن التقوى كغيرها منوطة بالاستطاعة، فمن لم يستطع شيئا من أوامر الله فإنه يعدل على ما يستطيع، ومن اضطر إلى شيء من محارم الله، حل له ما ينتفع به في دفع الضرورة، لقوله تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ]الأنعام: 119[، حتى إن الرجل لو اضطر إلى أكل لحم الميتة، أو أكل لحم الخنزير، أو أكل لحم الحمار، أو غير ذلك من المحرمات، فإنه يجوز له أن يأكل منه ما تندفع به ضرورته، فهذه هي تقوى الله! أن تفعل أوامره ما استطعت وتجنب نواهيه ما استطعت. وقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾فأمر الله تعالى بأمرين، بتقوى الله، وأن يقول الإنسان قولًا سديدًا؛ أي صوابًا. وقد سبق الكلام على التقوى، وأنها فعل أوامر الله واجتناب نواهيه.
أما القول السديد، فهو القول الصواب وهو يشمل كل قول فيه خير سواء كان من ذكر الله، أو من طلب العلم، أو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من الكلام الحسن الذي يستجلب به الإنسان مودة الناس ومحبتهم، أو غير ذلك، ويجمعه قول النبي : (مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقلْ خيرًا أو ليصمت(، وضد ذلك القول غير السديد، وهو القول الذي ليس بصواب، بل خطأ إما في موضوعه وإما في محله: أما في موضوعه: بأن يكون كلاما فاحشا يشتمل على السب، والشتم، والغيبة، والنميمة، وما أشبه ذلك. أو في محله: أي أن يكون هذا القول في نفسه هو خير، لكن كونه يقال في هذا المكان ليس بخير، لأن لكل مقام مقالا، فإذا قلت كلاما هو في نفسه ليس بشر، لكنه يسبب شرًا إذا قلته في هذا المحل فلا تقلْه، لأن هذا ليس بقول سديد، ففي هذا الموضوع لا يكون قولا سديدا، بل خطأ، وإن كان ليس حراما بذاته. فمثلا، لو فرض أن شخصا رأى إنسانا على منكر، ونهاه عن المنكر، لكن نهاه في حال لا ينبغي أن يقول له فيها شيئا، أو أغلظ له في القول، أو ما أشبه، لعُدَّ هذا قولا غير سديد. فإذا اتقى الإنسان ربه، وقال قولا سديدا، حصَلَ على فائدتين:﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾فبالتقوى صلاح الإيمان ومغفرة الذنوب، وبالقول السديد صلاح الأعمال ومغفرة الذنوب. وعُلم من هذه الآية أن من لم يتَّق الله ويقل قولا سديدا، فإنه حَرِيٌ بأن لا يُصلح الله له أعماله، ولا يغفر له ذنبه، ففيه الحثُّ على تقوى الله وبيان فوائدها. وقال تعالى -وهي الآية الرابعة-:﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾يتق الله بفعل ما أمر به، ويترك ما نهى عنه. يجعل له مخرجا من كل ضيق، فكلما ضاق عليه الشيء وهو متَّقٍ لله -عز وجل -جعل له مخرجا، سواء كان في معيشة، أو في أموال، أو في أولاد، أو في مجتمع، أو غير ذلك. متي كنت مُتَّقيًا الله فثِق أن الله سيجعل لك مخرجا من كل ضيق، واعتمد ذلك، لأنه قول من يقول للشيء كن فيكون﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾. وما أكثر الذين اتقوا الله فجعل لهم مخرجًا، ومن ذلك قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار، فنزلت صخرة على باب الغار فسَدته، فأرادوا أن يزيحوها فعجزوا، فتوسَّل كل واحد منهم بصالح عمله إلى الله عز وجل، ففرج الله عز وجل عنهم وزالت الصخرة. وجعل الله لهم مخرجا، والأمثلة على هذا كثيرة! وقوله: ﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾هذا أيضا فائدة عظيمة، أن الله يرزقك من حيث لا تحتسب، فمثلا لو فرضنا أن رجلا يكتسب المال من طريق محرَّم، كطريق الغش أو الربا أو ما أشبه ذلك، ونُصِحَ في هذا وتركه لله، فإن الله سيجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ولكن لا تتعجَّل، ولا تظن أن الأمر إذا تأخر فلن يكون، ولكن قد يبتلي الله العبد فيؤخِّر عنه الثواب، ليختبره هل يرجع إلى الذنب أم لا، فمثلا إذا كنت تتعامل بالربا، وَوَعَظك من يعظُك من الناس، وتركت ذلك، ولكنك بقيت شهرا أو شهريا ما وجدت ربحا، فلا تيأس، ولا تقل أين الرزق من حيث لا احتسب، بل انتظر، وثق بوعد الله وصدِّق به، وستجده، ولا تتعجل، ولهذا جاء في الحديث) يُستجاب لأحدكم - أي إذا دعا- ما لم يَعْجَل، قالوا: كيف يعجل يا رسول الله؟ قال: يقول دعوت فلم يُستَجب لي(، فاصبر، واترك ما حرَّم الله عليك، وانتظر الفرج والرزق من حيث لا تحتسب.
الآية الخامسة قوله تعالى:﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم ] الأنفال: 29[، هذه ثلاث فوائد عظيمة: الفائدة الأولى:﴿ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾أي يجعل لكم ما تُفَرِّقون به بين الحق والباطل، وبين الضار والنافع، وهذا يدخل فيه العلم، بحيث يفتح الله على الإنسان من العلوم ما لا يفتحها لغيره، فإن التقوى يحصل بها زيادة الهدى، وزيادة العلم، وزيادة الحفظ، ولهذا يُذكر عن الشافعي رحمه الله أنه قال:
شَكَـوتُ إلـى وَكِيــعٍ سُـوءَ حِفْظِـــي
فـأَرشَـدَني إلـى تَـْركِ المعــاصـي
وقـال اعلَــمْ بــأنَّ العِلْـــمَ نُــــــورٌ
ونُــورُ الله لا يُــؤتَــاه عَــاصـي
ولا شك أن الإنسان كلما ازداد علما، ازداد معرفة، وازداد فرقانا بين الحق والباطل، وبين الضار والنافع، وكذلك يدخل فيه ما يفتح الله على الإنسان من الفهم، لأن التقوى سبب لقوة، وقوة الفهم يحصل بها زيادة العلم، فإنك ترى الرَّجلين يحفظان آية من كتاب الله، يستطيع أحدهما أن يستخرج منها ثلاثة أحكام مثلا، ويستطيع الآخر أن يستخرج أربعة، أو خمسة، أو عشرة، أو أكثر من هذا بحسب ما آتاه من الفهم. فالتقوى سبب لزيادة الفهم، ويدخل في ذلك أيضا الفراسة، أن الله يعطي المتَّقي فراسة يميّز بها حتى بين الناس، فبمجرد ما يرى الإنسان يعرف أنه كاذب أو صادق، أو أنه برٌّ أو فاجر، حتى انه ربما يحكم على الشخص وهو لم يُعَاشره ولم يعرف عنه شيئا، بسبب ما أعطاه الله من الفراسة. ويدخل في ذلك أيضا: ما يحصل للمتَّقين من الكرامات التي لا تحصل لغيرهم، ومن ذلك: ما حصل لكثير من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، فكان عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ذات يوم يخطب على المنبر في المدينة، فسَمِعوه يقول في أثناء الخطبة: (يا سارية الجبل، يا سارية الجبل)، فتعجَّبوا من يخاطب وكيف يقول هذا الكلام في أثناء الخطبة، فإذا الله - سبحانه وتعالى - قد كشف له عن سرية في العراق كان قائدها سارية بن زنَيم، وكان العدو قد حصرهم، فكشف الله لعمر عن هذه السرية، كأنما يشاهدها رُأى عين، فقال لقائدها: (يا سارية الجبل) أي: تحصن بالجبل، فسمعه سارية وهو القائد، وهو في العراق، ثم اعتصم بالجبل. هذه من التقوى، لأن كرامات الأولياء كلها جزاء لهم على تقواهم لله عز وجل. فالمهم أن من آثار التقوى أن الله -تعالى-يجعل للمتقين فُرقانا يفرق به بين الحق والباطل، وبين البر والفاجر، وبين أشياء كثيرة لا تحصل إلا للمتقي.
الفائدة الثانية:﴿ وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾وتكفير السيئات يكون بالأعمال الصالحة فإن الأعمال الصالحة تكفر الأعمال السيئة كما قال النبي ) الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر(. وقال النبي ) العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما (، فالكفارة تكون بالأعمال الصالحة، وهذا يعني أن الإنسان إذا اتقى الله سهَّل له الأعمال الصالحة التي يُكفِّر الله بها عنه.
الفائدة الثالثة: قوله:﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾بأن يُيَسِّركم للاستغفار والتوبة، فإن هذا من نعمة الله على العبد أن يُيَسِّره للاستغفار والتوبة. ومن البلاء للعبد، أن يظن أن ما كان عليه من الذنوب ليس بذنب، فيصرُّ عليه والعياذ بالله، كما قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ]الكهف: 104، 103[، فكثير من الناس لا يُقلع عن الذنب، لأنه زُين له - والعياذ بالله- فألِفَهُ وصعب عليه أن ينتشل نفسه منه، لكن إذا كان مُتَّقِيا لله - عز وجل -سهل الله له الإقلاع عن الذنوب حتى يغفر له، وربما يغفر الله له بسبب تقواه، فتكون تقواه مكفرة لسيئاته، كما حصل لأهل بدر رضي الله عنهم، (فإن الله اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، فتقع الذنوب منهم مغفورة لما حصل لهم فيها، أي في الغزوة من الأجر العظيم. وقوله:﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ] الأنفال: 29[، أي: صاحب الفضل العظيم الذي لا يعدله شيء ولا يوازيه شيء، فإذا كان الله موصوفا بهذه الصفة، فاطلب الفضل منه سبحانه وتعالى، وذلك بتقواه والرجوع إليه. والله أعلم.

الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح مقدمة باب التقوى من رياض الصالحين Reviewed by احمد خليل on 2:39:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.