شرح حديث/ إذا قام أحدكم من مجلس ثم رجع إليه
كتاب آداب النوم: باب أدب المجلس والجليس
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح
حديث/ إذا قام أحدكم من مجلس ثم رجع إليه
أحاديث
رياض الصالحين: باب أدب المجلس والجليس
٨٢٩
- عن ابنِ عمر -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُول الله ﷺ: «لا يُقِيِمَنَّ أحَدُكُمْ رَجُلًا مِنْ مَجْلسهِ ثُمَّ
يَجْلسُ فِيه ولكِنْ تَوسَعُّوا وتَفَسَّحوا» وَكَان ابنُ عُمَرَ إِذَا قام
َ لهُ رَجُلٌ مِنْ مجْلِسه لَمْ يَجِلسْ فِيه. مُتَّفَقٌ عليه.
٨٣٠
- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول لله ﷺ قَالَ: «إِذَا قاَم أحَدُكُمْ منْ مَجْلسٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ
فَهُوَ أحَقُّ بِه» رواه مسلم.
الشرح:
قال
المؤلف -رحمه الله- في "باب آداب المجلس والجليس".
هذا
الباب عقده المؤلف رحمه الله، لبيان الآداب التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان في
مجالسه، ومع جليسه، وقد ذكر الله تعالى في كتابه شيئا من آداب المجالس فقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ
تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ}
[المجادلة: ١١] والشريعة الإسلامية شريعة شاملة لكل ما يحتاج الناس إليه في دينهم
ودنياهم، قال الله تبارك وتعالى: {وَنَزَّلْنَا
عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى
لِلْمُسْلِمِين} [النحل: ٨٩]، وقال أبو ذر -رضي الله عنه-: لقد توفي رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما طائر يقلب جناحه في السماء إلا ذكر لنا منه
علما.
ولهذا
تجد الشريعة بينت مسائل الدين المهمة الكبيرة كالتوحيد وما يتصل به من العقيدة
والصلاة والزكاة والصيام والحج، وما كان دون ذلك من آداب النوم والأكل والشرب
والمجالس.
ثم
ذكر المؤلف حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: «لا يقيمن أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا
وتفسحوا» يعني: إذا دخلت مكانا ووجدت المكان ممتلئا فلا تقل يا فلان قم ثم
تجلس في مكانه، ولكن إذا كنت لا بدَّ أن تجلس فقل تفسحوا توسعوا فإن الله تعالى،
يوسع لهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ}
أما أن تقيم الرجل وتجلس مكانه فإن هذا لا يجوز، حتى في مجالس الصلاة لو رأيت
إنسانا في الصف الأول فإنه لا يحل لك أن تقول له قم ثم تجلس في مكانه حتى لو كان
صبيا، لكنه يصلي فإنه لا يحل لك أن تقيمه من مكانه وتصلى فيه؛ لأن الحديث عام
والصبي لا بدَّ أن يصلي مع الناس ويكون في مكانه الذي يكون فيه.
وأما
قول النبي ﷺ:
«ليلينِّي منكم أولو الأحلامِ والنُّهى» فهو
أمر للبالغين العقلاء أن يتقدموا حتى يلوا الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس نهيا
أن يكون الصغار قريبين منه، ولو كان أراد ذلك لقال ﷺ لا يلني إلا أولو
الأحلام والنهي، أما إذا أمر أن يليه أولو الأحلام والنهي فالمعنى أنه يحثهم على
التقدم حتى يكونا وراء النبي ﷺ
يلونه ويفهمون عنه شريعته وينقلونها إلى الناس.
وكان
ابن عمر -رضي الله عنهما- من ورعه إذا قام أحد له وقال له اجلس في مكاني لا يجلس
فيه، كل هذا من الورع يخشى أن هذا الذي قام قال خجلا وحياء من ابن عمر، ومعلوم أن
الذي يهدى إليك أو يعطيك شيئا خجلا وحياء أنك لا تقبل منه؛ لأن هذا كالمكره، ولهذا
قال العلماء -رحمهم الله-: يحرم قبول الهدية إذا علمت أنه أهداك حياء أو خجلا، ومن
ذلك أيضا إذا مررت ببيت وفيه صاحبه وقال تفضل وأنت تعرف أنه إنما قال ذلك حياء
وخجلا فلا تدخل عليه؛ لأن هذا يكون كالمكره هذا من آداب الجلوس التي شرعها النبي ﷺ لأمته ألا يقيم الرجل
أخاه من مجلسه ثم يجلس فيه.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: